سورة فاطر - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فاطر)


        


قوله عز وجل: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} فيه قولان
أحدهما: يعني بالعزة المنعة فيتعزز بطاعة الله تعالى، قاله قتادة.
الثاني: علم العزة لمن هي، فلله العزة جميعاً.
وقيل إن سبب نزول هذه الآية ما رواه الحسن أن المشركين عبدوا الأوثان لتعزهم كما وصف الله تعالى عنهم في قوله: {وَاتَّخَذُواْ مِن اللهِ دُونِ ءَالِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُم عِزّاً} فأنزل الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فِلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً}.

{إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} فيه قولان
أحدهما: أنه التوحيد، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: الثناء علىمن في الأرض من صالح المؤمنين يصعد به الملائكة المقربون، حكاه النقاش.

{وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} فيه قولان
أحدهما: أنه أداء الفرائض.
الثاني: أنه فعل القرب كلها.

وفي قوله: {يَرْفَعُهُ} ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن العمل الصالح يرفعه الكلام الطيب، قاله الحسن، ويحيى بن سلام.
الثاني: أن العمل الصالح يرفع الكلام الطيب، قاله الضحاك وسعيد بن جبير.
الثالث: أن العمل يرفعه الله بصاحبه، قاله قتادة، السدي.
{وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ} يعني يشركون في الدنيا
{لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ} يعني في الآخرة

{وَمَكْرُ أُوْلئِكَ هُوَ يَبُورُ} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: يفسد عند الله تعالى، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: يبطل، قاله قتادة.
الثالث: يهلك، والبوار الهلاك، قاله قطرب.

وفي المراد: {أُوْلئِكَ} قولان:
أحدهما: أهل الشرك.
الثاني: أصحاب الربا، قاله مجاهد.

قوله عز وجل: {وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ} يعني آدم.
{ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ} يعني نسله
{ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً} فيه وجهان:
أحدهما: أصنافاً، قاله الكلبي.
الثاني: ذكراناً وإناثاً، والواحد الذي معه آخر من شكله زوج والاثنان زوجان، قال الله تعالى: {وأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَينَ الذَّكَرَ والأُنْثَى} [النجم: 45] وتأول قتادة قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً} أي زوّج بعضكم لبعض.
{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} يعني بأمره
{وَمَا يَعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ منْ عَمُرِهِ} الآية. فيه قولان:
أحدهما: ما نمد في عمر معمر حتى يصير هرماً. ولا ينقص من عمر أحد حتى يموت طفلاً إلا في كتاب.
الثاني: ما يعمر من معمر قدر الله تعالى مدة أجله إلا كان ما نقص منه بالأيام الماضية عليه في كتاب عند الله.
قال سعيد بن جبير: هي صحيفة كتب الله تعالى في أولها أجله، ثم كتب في أسفلها ذهب يوم كذا ويوم كذا حتى يأتي على أجله، وبمثله قال أبو مالك، والشعبي.

وفي عمر المعمر ثلاثة أقاويل:
أحدها: ستون سنة، قاله الحسن.
الثاني: أربعون سنة.
الثالث: ثماني عشرة سنة، قاله أبو غالب.
{إنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي هين
ويحتمل وجهين:
أحدهما: أن إثبات ذلك على الله يسير.
الثاني: أن زيادة عمر المعمر ونقصان عمر الآخر عند الله تعالى يسير.
وللكلبي فيه ثالث: أن حفظ ذلك بغير كتاب على الله يسير.


{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ} يحتمل وجهين
أحدهما: ما يستويان في أنفسهما.
الثاني: في منافع الناس بهما.
{هذَا عَذْبٌ فُراتٌ} والفرات هو العذب وذكره تأكيداً لاختلاف اللفظين كما يقال هذا حسن جميل.
{سَآئَغٌ شَرَابُهُ} أي ماؤه
{وَهذا مِلْحٌ أُجَاجٌ} أي مُرٌّ مأخوذ من أجة النار كأنه يحرق من شدة المرارة، قال الشاعر:
دُرَّةٌ في اليمين أخرجها الغا *** ئص من قعر بحر ملح أجاج
{وَمِن كُلٍّ تَأكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً} يعني لحم الحيتان مأكول من كلا البحرين
{وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} اللؤلؤ والمرجان يستخرج من الملح، ويكون المراد أحدهما وإن عطف بالكلام عليهما.
وقيل: بل هو مأخوذ منهما لأن في البحر عيوناً عذبة، وما بينهما يخرج اللؤلؤ عند التمازج وقيل من مطر السماء.
ثم قال: {تَلْبَسُونَهَا} وإن لبسها النساء دون الرجال لأن جمالها عائد عليهم جميعاً.
{وَتَرى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} فيه خمسة أوجه
أحدها: مقبلة ومدبرة وريح واحدة، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: مواقر، قاله الحسن. قال الشاعر:
تراها إذا راحت ثقالاً كأنها *** مواخر فلك أو نعام حوافل
الثالث: معترضة، قاله أبو وائل
الرابع: جواري، قاله ابن قتيبة.
الخامس: تمخر الماء أي تشقه في جريها شقاً، قاله علي بن عيسى.
{لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} قال مجاهد: التجاة في الفلك
ويحتمل وجهاً آخر ما يستخرج من حليته ويصاد من حيتان.
{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: على ما آتاكم من نعمه.
الثاني: على ما آتاكم من فضله.
ويحتمل ثالثاً: على ما أنجاكم من هوله.


قوله عز وجل: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخْرَى} أي لا تحمل نفس ما تحمله نفس أخرى من ذنوبها، ومنه الوزير لأنه يحمل أثقال الملك بتدبيره.
{وَإن تَدَعُ مُثْقَلَةٌ إلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَل مِنْهُ شَيْءٌ} قال مجاهد مثقلة بالذنوب، ومعنى الكلام أن النفس التي قد أثقلتها ذنوبها إذا دعت يوم القيامة من يتحمل الذنوب عنها لم تجد من يتحمل عنها شيئاً من ذنوبها.
{وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} ولو كان المدعو إلى التحمل قريباً مناسباً، ولو تحمله عنها ما قُبل تحمله، لما سبق من قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.

{إنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهَم بِالْغَيْبِ} فيه وجهان:
أحدهما: في السر حيث لا يطلع عليه أحد، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: في التصديق بالآخرة، حكاه ابن عيسى.
ويحتمل ثالثاً: يخشونه في ضمائر القلوب كما يخشونه في ظواهر الأفعال.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6